حسن ادكروم : أمريكا وملف الصحراء “الجزءالثالث”
هل كان في امكان المغرب احراز الاختراق التاريخي الذي انجزه على مستوى اعتراف امريكا بمغربية الصحراء.
دون ربط ذلك بتحقيق التطبيع مع دولة إسرائيل؟
سئل مرة الشهيد ياسر عرفات عن موقفه من “ألحكيم” وهو الاسم الحركي الذي كان معروفاً به المرحوم جورج حبش الامين العام قيد حياته لمنظمة “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ،نظرا لمكانته المتميزة بين قياديي الثورة الفلسطينية آنذاك – فتبسم عرفات وأجاب باقتضاب ،انه يمثل عضدي الايسر الذي اشد به توازني حتى لا يجعلوني اميل كل الميل الى اليمين …
ان اهم ما يطمح اليه اليمين الاسرائيلي المتطرف هو شق الصف المغربي حول هذه المسألة ،ان يخترق الشرخ صفوف الشعب وتيارات الدولة …وهو في هذه الحالة سيكون الرابح الاساسي من وراء دعوة متنطعة عاطفية للاستمرار في المقاطعة ومناهضة التطبيع …لان صراع المغاربة حول القضية سيضعف اي ضغط لهم بواسطة دولتهم على اسرائيل لاحترام حقوق الشعب الفلسطيني …
ليس التطبيع دائما شراً على القضية الفلسطينية ،لكنه ضيق الافق والسياسات الخاطئة مهما كانت طبيعتها … وهنا يذكرني موقف حماس وزعيمها الكاريزمي رقم واحد خالد مشعل في سنة 2016 حين قرر اردغان، “تطبيع “علاقته مع اسرائيل بعد قطيعة دامت ست سنوات، نتيجة هجوم اسرائيل المسلحة على سفينة مرمرة التركية،و كانت تحمل مساعدات لغزة ولفك الحصار عليها وقتل عدد من المناصرين الاتراك – حيث رحبت حماس بقوة بخطوة أردوغان في بيانها الرسمي – وصرح خالد مشعل عن الحدث بقوله :” نشكر السيد اردوغان على التطبيع المثمر مع العدو الصهيوني لما سيسفر ذلك، عن فتح قناة اتصال قوية للحركة، مع العدو، وفك جزئي للحصار عليها “.
فحسب خالد مشعل احد القادة الكبار لأصحاب القضية الاساسيين، ليس دائما التطبيع امرا سيئا ،فهو قد يكون احيانا مثمرا ، اي أنه أمر وخطة سياسية ،وليس أمر دو طبيعة قدسية … كما هو الحال بالنسبة للرئيس اردوغان رمز الوفاء لدى تيار واسع من الداعين للاستمرار في القطيعة ،فهو كان دائما مطبعا ،ولم يكن قط مقاطعاً لإسرائيل ،كل ما كان هناك هو توتر معها بسبب حادثة سفينة مرمرة … ولا يمكن اعتبار اردوغان خارج عن الدين وخائن لمقدسات الامة الاسلامية لأنه مطبع مع اسرائيل …
هذه الحالة هي ما هو مقبل المغرب عليها ،وباستطاعته ان يخدم مصالح القضية الفلسطينية بشكل افضل من الموقع الجديد للعلاقة مع اسرائيل وكل من يناهض التطبيع في نظري فهو لا يفعل سواء اضعاف الموقف المغربي لمصلحة اليمين الفلسطيني المتطرف ،رغم انني اسانده في حقه في التعبير عن مواقفه .
وفي هذا الصدد لا يمكن إلا أن أحيي الموقف الجريء الشجاع الوطني الذي مارسه رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني بقيامه بواجبه الوطني في توقيع اتفاق التطبيع بصفته رئيس الحكومة بالرغم من كونه على مستوى الموقف الشخصي لم يكن متفقا…وكذلك الاستاذ عبد الاله بنكيران .
وكل قيادات العدالة والتنمية الذين دعموه ،رغم أن المهم ليس هو التعبير عن الموقف حسب السياق ،بل اطالبهم بأن يناقشوا الامر في عمقه كقناعة سياسية ،تلائم السياق الدولي والإقليمي والوطني الجديد …
اقول هذا وأنا على يقين انهم و بحكم واقعيتهم السياسية ،التي ابانوا عنها في عدة مناسبات لا محالة سينخرطون قريبا جدا ضمن هذا الافق …وهي دعوة تشمل جميع التيارات والهيئات المغربية التي لا زالت تعارض التطبيع او تتوجس منه .
نهاية
تعليقات