رخص البناء .. تكاليف خيالية ومساطر معقدة تبدد أحلام السكن اللائق في أكادير

رصد “مغرب تايمز” تصاريح متفرقة لأكاديريين عبروا على استنكارهم بخصوص غلاء تراخيص البناء والتي شهدت طفرة من حيث الطريقة والتكلفة التي تضاعفت مرتين مما كانت عليه، ما يفتح الباب أمامهم للتوجه إلى طرق ملتوية أقل تكلفة قصد الحصول على تلك التراخيص.


الارتماء في أحضان السماسرة للهروب من إكراهات القانون .


في هذا الصدد صرحت سيدة اختارت لنفسها إسم “خديجة” كإسم مستعار في تصريح ل”مغرب تايمز”، هذه الأخيرة ذات خبرة تفوق العقدين من الزمن في مجال الهندسة المعمارية وتشغل مساعدة مهندس بمدينة أكادير :”بالنسبة لطبقة معينة من المواطنين الذي يقصدون مهندسا معماريا للحصول عن رخص البناء يجدون صعوبة في جمع التكاليف والتي زاد واجبها منذ بداية شهر شتنبر أهمها ما يسمى بplan” d’architecture” والذي يتم إنجازه تبعا ل”باريم” يحتسب ثمنه بناء على المبلغ النهائي للمبنى على سبيل المثال عند تقييم ثمن الالعقار المشيد في 50 مليون سنتيم فحصة المهندس من هذا المبلغ هي 3 في المائة”.


وتضيف المتحدثة “يجد المواطنون تكاليف الضريبة على الأراضي غير المشيدة باهظة الثمن وتصل إلى 10 دراهم للمتر المربع ناهيك عن أتعاب التسعيرة الخاصة برخص البناء والتي تقدر ب20 درهما للمترالمربع بالإضافة إلى مصاريف البلدية وطلب الرخصة الذي أصبح يتولاه المهندس المعماري والذي يكلّف الطالب للرخصة 250 درهما بالنسبة للمشاريع الصغرى كمنزل من طابقين .


وتسرد مساعدة المهندس واقع الحال لزبائن قصدوها في وقت سابق طلبا لإجراء تغييرات بسيطة في تصاميم معمارية يصل سعرها إلى 8000 درهم إضافة إلى مصاريف البلدية التي تقدر ب1000 درهم ناهيك عن TNB “الضريبة على الأرض” في حالة عدم استفادته من رخصة السكن كلها تكاليف قد تصل إلى أزيد من 10 000 درهم في متوسط الحالات، أو لحالات تود إجراء تغييرات في محلات تجارية والتي تصل إلى 7000 درهم في غالب الأحيان”.


وأفصحت على أن هذه التكاليف المضطردة في الزيادة تعد السبب الأبرز للدفع بمواطنين إلى اختيار سلك طريق البناء العشوائي وتوزيع ما يملكون من “مليينات” على أعوان السلطة ومسؤولين يغضون الطرف وبالتالي الاستغناء عن الطرق القانونية للحصول على رخص البناء نظرا لما أصبحوا يعانون معه من غلاء لتك التراخيص”.


قانون واضح وسماسرة أفسدوا مجال التعمير


وأوضح عبد الهادي الشافعي رئيس المجلس الجهوي للمهندسين المعماريين بجهة سوس ماسة في حديثه ل”مغرب تايمز” أن ما ينظم المعاملة المالية بين المهندس المعماري ووكيله هو القانون 16 89 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية وإحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية وبالتحديد المادة 7 التي تنص صراحة على أنه ” يتقاضى المهندس المعماري المستقل أو الشريك عن المهمة التي يقوم بها أتعابا تحدد مقدما باتفاق مع عميله، وذلك دون إخلال بالأحكام المقررة في النصوص التنظيمية المعمول بها في هذا الميدان”.


ويؤكد المهندس المعماري على أن التعاقد بين العميل و المهندس يتم على شكل صفقة نموذجية تحدد أتعابا مرجعية وهو المعمول به منذ19 سنة وعند وقوع الاختلاف بينهم يتم الرجوع إلى هيئة تحكيم تنظر في العقد النموذجي لتقدير مدى تقصير المهندس في القيام بالمهام المنوطة به من إنجاز للتصاميم وتتبع للأشغال إلى حين حصول عميله على رخصة السكن”.


وأشار الشافعي أن الحكومة المغربية أقرت تدبيرا إداريا لاماديا تلتزم به في إطار اتفاقاتها مع البنك الدولي والذي دخل حيز التنفيذ في مجال الهندسة المعمارية بالاعتماد على معالجة رقمية لملفات البناء والتجهيز استنادا على توقيع رقمي لكل ملف نستعين به من مؤسسة “بريد المغرب” ومتابعة ملفات الطالبين لرخص البناء والجواب عن ملاحظات الرئيس المعني بالوثائق موضوع الرخصة”.


واعتبر المتحدث أن هذه الزيادات التي يصطدم بها المواطنون جاءت في سياق التوجه العام للإدارات الحضرية نحو تطبيق تقنيات التحول الرقمي واعتماد تقنيات التواصل الحديثة نموذجا منصة رقمية أضحت البديل الحديث والإلزامي تهم كافة المساطر سواء المتعلقة بمهنيي الهندسة المعمارية في طريقة تسيير ملفات عملائهم ، أو المنصات المتعلقة بالرخص الممنوحة من طرف الجماعات الترابية والسلطات المحلية في مجالات التعمير والأنشطة ذات الطابع الاقتصادي.


سبل رقمية حديثة من شأنها أن تقلص من الفساد الإداري وبيروقراطية الإدارة المغربية عبر تعامل المرتفقين مباشرة مع المنصة الإلكترونية بدون الحاجة إلى الوسطاء والسماسرة، لاسيما الفساد المستشري في قطاع التعمير والإسكان، يقول عبد الهادي الشافعي رئيس المجلس الجهوي للمهندسين المعماريين بجهة سوس ماسة.


الجدير بالذكر أن تعميم المنصة الرقمية الجديدة المعتمدة من لدن المهندسين المعماريين طبق بخمس جهات وهي: جهة الدار البيضاء سطات، وجهة الرباط سلا القنيطرة، وجهة طنجة تطوان الحسيمة، وجهة مراكش آسفي، وجهة بني ملال خنيفرة.


وتم اعتماد هذه الخدمة الإلكترونية، في الشهور الأخيرة، وبصفة تدريجية، على أربع مدن ذات الشباك الواحد كالتالي : أكادير، تارودانت، بيوكرى، تيزنيت.


أمام كل هذا يجد المواطن المغربي البسيط الحالم بضمان بيت يحميه هو أسرته من لهيب أسعار الكراء أو أزمات ضعف البنيان بالشقق الإقتصادية، نفسه بين نارين هو لا بد منهم بين اختيار الطريق القانونية التي يتكلف عناء “أموالها” وقد لا يجد لها سبيلا أو يستسلم لشرور “الرشوة” وانتظار أن يسدل الليل سواتره ليباشر بناء “دار الدنيا”.