حيثيات”الضريبة التضامنية” التي تنتظر المغاربة لسنة 2021 (حوار)

أجرى موقع “مغرب تايمز” حوارا مع الأستاذ والباحث بجامعة ابن زهر “الحسين الرامي “عن أهم التساؤلات  المتعلقة بماهية المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول وأساسها القانوني وسياقاتها والعوامل التفسيرية لهذا الإجراء وانعكاساته على الطبقة المتوسطة وعلى النسيج المقاولاتي(المقاولة المواطنة) ؟

أولا: ماهية المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول والغاية من إحداثها:

أقر مشروع قانون المالية رقم 65.20  لسنة 2021، الضريبة المسماة “المساهمة الاجتماعية التضامنية على الدخول والأرباح”.هو إجراء يشمل أجور الموظفين والأجراء الذين تعادل رواتبهم أو تفوق 10 آلاف درهم، وذلك بنسبة 1.5 في المائة. هذه الضريبة التي سيخضع لها أيضا جميع الأشخاص الذاتيين الخاضعين للضريبة على الدخل المهني أو الفلاحي أو العقاري أو ما شابه ذلك، ستطبق كذلك على مجموعة من الشركات (تم استثناء عدد من الشركات طبقا للمادة 267 من المشروع). بحيث تحتسب مساهمتها” حسب الأسعار النسبية التالية: %  2.5 بالنسبة للشركات التي يقع ربحها الصافي في شريحة 5  ملايين إلى 40 مليون درهم ؛  3.5 %  بالنسبة للشركات التي يفوق ربحها الصافي 40 مليون درهم.

 يتعلق الأمر بتدبير جبائي يروم طبقا لمشروع القانون المالي لسنة 2021  المعروض على أنظار ممثلي الأمة تعزيز ودعم التماسك الاجتماعي، من خلال اتخاذ تدابير مواكبة لتعميم  التغطية الصحية الإجبارية. وهي المساهمة التي يروم من خلال مهندسو المشروع تعزيز موارد صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي(التسمية الجديدة لصندوق دعم التماسك الاجتماعي).

ثانيا: سؤال الأساس القانوني للمساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول؟

يمكن استحضار المقتضيات الدستورية التي تؤطر العمليات التضامنية اللازمة في حالة الأزمات الناجمة عن الكوارث أو الأوبئة أو غيرها ،فالفصل 39 ينص على كون الجميع أن يتحمل، على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور ،كما أن الفصل 40 نص على ما يلي: على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد).

السؤال الذي يمكن طرحه إلى أي مدى يمكن القول بأن المادة 267 مطابقة لهذه المقتضيات الدستورية(مبدأ التضامن بين الجميع ومبدأ التناسب مع الوسائل وحسب الاستطاعة). هناك مجموعة من الملاحظات التي يمكن استحضارها في إطار مناقشة هذا المستجد، منها:

  • التضامن كما هو منصوص عليه في دستور 2011 لا يعني فئة دون أخرى أو مقاولة دون أخرى، بل جميع المقاولات و المواطنين دون استثناء معنيين بالانخراط في العملية التضامنية التي تفرضها ظروف مستجدة مثل الكوارث والأوبئة أو غيرها، على اعتبار أن لا مجال للاستثناء لكون الجميع يؤدي الضرائب إما بشكل مباشر أو غير مباشر.
  • التضامن حسب مفهوم الدستور يتم حسب الإمكانات والقدرات الخاصة بكل مواطن وعلى قدر استطاعته. تبعا لذلك، ففرض الضريبة الجديدة ولو لسنة واحدة على فئة الموظفين والأجراء الذين يتقاضون عشرة ألف درهم فما فوق والشركات المشار إليها في المادة 267 هو إجراء قد لا يطابق هذا المقتضى الدستوري في غياب تقرير حول وضعية هذه الفئة وهذه الشركات التي تؤدي واجباتها الضريبية مراعاة لإمكاناتها وقدراتها.

هكذا، يمكن القول إن فرض التضامن على فئة دون أخرى قد يشكل مساسا بمبدأي التضامن والتناسب المتضمنين في الدستور، مهما كانت المبررات والتفسيرات والتأويلات. فإذا كان الجهاز التنفيذي له من الصلاحيات الدستورية ما يمكنه من اتخاذ الإجراء المذكور، فإن المشرع الدستوري ألزمه باحترام روح النص الدستوري وبضرورة مطابقة القوانين لهذا النص.

ثالثا: سياقات استحداث المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول؟

بالعودة إلى المذكرة التوجيهية الصادرة عن رئيس الحكومة وتصريح وزير الاقتصاد والمالية أمام البرلمان وبالعودة إلى مجموعة من التقارير الوطنية والدولية، سنجد أن السياق الذي أفرزته جائحة كورونا يتسم بعدد من المؤشرات السلبية على المستوى المالي والاقتصادي والاجتماعي. فقد تفاقمت الأزمة الصحية، وسجل بطء كبير في استئناف الأنشطة الاقتصادية بعد فترة الحجر الصحي وانكماش غير مسبوق للاقتصاد الوطني وارتفاع عجز الميزانية ومستوى المديونية،وقد تم استحداث المساهمة الاجتماعية المذكورة كما سبقت الإشارة لتعزيز موارد صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي ومواكبة تعميم التغطية الصحية الإجبارية.

غير أنه استحضارا لوضعية الطبقة المتوسطة التي اتسمت بضرب قدرتها الشرائية في السنوات الأخيرة من خلال جمود الأجور وتوالي الاقتطاعات(نموذج الصندوق المغربي للتقاعد والتأمين الإجباري عن المرض والاقتطاعات لفائدة صندوق كورونا) ، تجعل المهتم يشير إلى مجموعة من التحملات التي تزيد من معاناة هذه الطبقة التي تشكل عماد وقاطرة التنمية المجتمعية،إن الطبقة المتوسطة من مهندسين وأساتذة وأطباء ومتصرفين وتقنيين وغيرهم، يؤدون الضرائب لكن بالمقابل وبالنظر لضعف الخدمات العمومية في مجال التعليم والصحة، فهي تلجأ للقطاع الخاص وتساهم في التخفيف من الضغوطات على المستشفيات العمومية والمدارس العمومية،

مما يثقل كاهلها من خلال ارتفاع نفقات تدريس الأطفال والتطبيب،كما أن ضعف وهشاشة خدمات النقل العمومي بكل أصنافه يدفعها لاستعمال السيارات الخاصة والتخفيف من الضغط على وسائل النقل العمومي، مع ما ينجم عن ذلك من نفقات تشمل اقتطاعات اقتناء السيارات الخاصة وغيرها من المصاريف اليومية والسنوية. بالإضافة إلى ذلك، فالطبقة المتوسطة، تتحمل نفقات أخرى مرتبطة بالتضامن العائلي ومع المعوزين المقربين وغير المقربين بالأخص في ظروف الجائحة.(يتبع)