المجلس الأعلى للقضاء: مبادرة “أمنيستي” لدعم الراضي تمس بإستقلالية القضاء

رد المجلس الأعلى للسلطة القضائية ,على البيان الذي نشرته منظمة العفو الدولية (أمنستي) المعنون ب”تحرك عاجل من أجل الإفراج عن الصحافي عمر الراضي”،  داعيا فيه الأشخاص عبر العالم إلى إرسال مناشدات للضغط على السلطات المغربية ,من أجل الإفراج عنه وتضمن العديد من المغالطات، التي تمس بإستقلال القضاء وتعطي الانطباع بتحكم الحكومة فيه، وتحريض  على التأثير في قراراته.

وقال المجلس في بلاغ له توصلت ’’مغرب تايمز’’ بنسخة منه, أن بيان المنظمة ’’تضمن مساسا صارخا باستقلال القضاء ,بالدعوة الى توجيه مناشدات مكثفة للضغط على رئيس الحكومة المغربية, قصد الإفراج عن السيد عمر الراضي ,وهو بذلك يتجاهل كون السلطة القضائية المغربية مستقلة عن الحكومة, بمقتضى الفصل 109 من الدستور والباب الثاني من القانون التنظيمي للمجلس ,على حماية استقلال القضاء ,ومنع  التأثير على القضاة في احكامهم.

وأضاف المجلس أن البيان يقدم رواية مخالفة للحقيقة، وتصور إجراء محاكمة المعني بالأمر خارج سياق القانون، لاستدرار تعاطف الأشخاص، من أجل الحصول على أكبر عدد من المناشدات لاستغلالها في ضغط إعلامي على القضاء, دون أن يستحضر المساطر والإجراءات القانونية التي تحكم العمل القضائي، ولا مقتضيات المواثيق الدولية المتعلقة بالمحاكمة العادلة التي تؤطر مسطرة التقاضي بالمغرب, والتي تعتبر وحدها الإطار المشروع لمحاكمة الأشخاص، والتي تستند إليها المحاكم للبت في إدانتهم، أو تبرئتهم

معتبرا أن مثل هذا السلوك ’’غير جدير بجمعية حقوقية تستهدف الدفاع عن الحقوق والحريات المشروعة للأفراد والجماعات, طالما أنه يدفع السلطات التنفيذية من جهة، والأفراد من جهة أخرى، إلى الضغط على القضاء من أجل إطلاق سراح شخص يوجد رهن اعتقال احتياطي في إطار عرض قضيته على محكمة مستقلة عن الحكومة، ومحايدة، لا علاقة لها بالانتماءات السياسية أو الأيديولوجية للأطراف والحكومات والبرلمانات وغيرها من المؤسسات والمنظمات الأخرى’ ’وفق بلاغ المجلس.

وذكر البلاغ, أن عكس ما روج له البيان حول التهم الموجهة لصحفي عمرالراضي, فإن المتابعة الجارية في حق السيد عمر الراضي، لا علاقة لها بكتاباته الصحافية, وإنما تتعلق باتهامه باغتصاب سيدة وهتك عرضها بالعنف، بناء على شكاية هذه الأخيرة من جهة، والمس بسلامة الدولة الخارجية بمباشرة اتصالات مع عملاء سلطة أجنبية بغرض الإضرار بالوضع الديبلوماسي للمغرب، من جهة ثانية. وهي جرائم حق عام منصوص عليها في القانون الجنائي المغربي. يحقق فيها باستقلال تام، أحد قضاة التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء وفقا للقانون، الذي يوفر للمعني بالأمر كل شروط المحاكمة العادلة. كما أن القانون ينص على سرية التحقيق خلال هذه المرحلة. واعتباراً لذلك، واحتراماً لقرينة البراءة المقررة لفائدة المتهم، فإن المجلس يعزف عن توضيح وقائع القضية في هذه المرحلة.

مضيفا أن  الصحفي عمر الراضي “سبق أن عرض على القضاء مرتين. الأولى بسبب تدوينه نشرها بحسابه الشخصي بتوتير، هدد فيها أحد القضاة، وحرض على الاعتداء عليه بسبب حكم أصدره. والثانية بسبب مشاجرة وقعت بينه وهو في حالة سكر وبين أحد أصدقائه من جهة، وشخص آخر من جهة ثانية، تم خلالها تبادل العنف, وفي كل هذه القضايا لم يكن لصفة المعني بالأمر كصحافي ولا للمقالات التي كتبها أو التحقيقات الصحافية التي نشرها، أي محل في المتابعات القضائية السابقة أو الجارية, مستغربا عن إصرار البلاغ على التركيز على العمل الصحافي للمتهم بدون مبرر.

وسجل البلاغ ,أن بيان “امنستي”, ركز بنوع من الإسهاب على ذكر بعض التفاصيل العادية في المساطر القضائية، واعتبارها تجاوزات حقوقية, مثل الحديث عن استدعاء السيد عمر الراضي للبحث معه عدة مرات من قبل مصالح الشرطة القضائية, وهي إجراءات عادية في مختلف الأنظمة القضائية، حيث يمكن استدعاء المشتبه فيهم عدة مرات للبحث حول مختلف الوقائع, لافتا أن كل الأبحاث التي خضع لها  السيد عمر الراضي, قد دونت في المحاضر الموجودة بالملف، والتي ستخضع لمراقبة القضاء خلال المراحل المقبلة.

وأعرب المجلس ,عن أسفه لتشويه بعض المعطيات المتعلقة بقضايا رائجة أمام القضاء، وشن حملات إعلامية لتعميم معطيات غير صحيحة أو مبتورة على الرأي العام واستغلال سرية الأبحاث والتحقيقات القضائية بسوء نية، لتقديم القضايا للرأي العام خلافا لحقيقتها المعروضة على القضاء, وهو ما يؤثر على سمعة القضاء ويضعف الثقة في قراراته, مطالبا منظمة العفو الدولي, الابتعاد عن التدخل في قرارات القضاء وأحكامه إذا كان الأمر يحتاج ,مشددا حرصه على الاضطلاع بواجبه الدستوري في حماية استقلال القضاء، ورفضه كل تدخل في مقرراته, وعدم رضوخه لأي محاولة التأثير غير المشروعة التي قد تمارس عليه  في تأدية واجبه في التطبيق العادل للقانون وفق شروط المحاكمة العادلة ومبادئ الحق والإنصاف .